السبت، 13 أغسطس 2016

مين سمّى ترحالك غياب!




-
ذاك الذي لا أعرف له تعريف، ماهيته و ما كنهه!!
لماذا ؟ و أين ؟ و كيف؟ و متى؟ و لماذا؟؟
 و و ....الخ
تلك الأسئلة التي لا إجابات لها.. سوى المزيد منها.
في يوم ما و مكان و زمان فقط.. و فقط هو بعينه؛ يحدث ذلك، 
و بهدوءٍ تام
أو بضجيج و صخب.. 
كيفما اتفق،،،
 لا فرق!
 فالنتيجة واحدة.
فجأة و بلا أدنى مقدمات ستجد نفسك وجهاً لوجه أمامه و لا مفر منه إلا له!
حينهاو حينها فقط ستعرف معنى الحياة؛ او فلنقل معنىً آخراً لها
او أظنه هو معناها الكامل، او حقيقته فعلاً.
 فـ  في ذاك اليوم تفقد النسبيه سلطتها و تتجرد تماماً مفسحةً المجال كله للجاذبية؛ الجاذبية الخاصة و الخاصة به هو - به هو وحده لا سواه
جاذبية تجعلك تتداعى تماماً 
 تسقط...
 تفقد السيطره عليك، و لا تتحكم بك البتة!
انت لست أنت.. أنت آخرٌ لم تتعرف إليه بعد.
انك مسجّى   هامد    لا تحرك ساكناً  
 يلفك هو و يحتضنك بلا فكاك.
عيناك مغمضتان؛ إنهما نائمتان الأبديه.
 ماذا ترى؟  اهي تلك الاحلام التي لم تتحقق ابداً؟ ام انها قد تتحقق هناك 
تتحقق هناك؟ و هل ثمة هناك!
 ليتك تستطيع.
اكنت تسمعنا؟ تسمعني؟ تعي ما تفوهت به من ترهات! ليست بترهات، انها اصدق و اعمق ما قلته الى الآن! فقط دعني اعتذر منك، فقد قلت ما لا يليق. فأنا  اعلم  يقينا" انك لست بأناني و انك غادرتنا بغير ارادتك؛ او بها ربما
 و لكنك لا تقصد ذلك اليس كذلك؟
لا ادري لماذا فعلت ذلك.. و لكني اعلم انك تحبنا و تحبنا كثيراً و انك معنا ابدا" فشكرا"جميلا.

سأنام الآن.. و لنرى ما سيحدث معي غداً!
و لأصدقك القول لا ادري منذ متى و انا لم اعد اهتم كثيراً بأني سأستيقظ فـِ الغد ام انام طويلاً وابداً، لا احسه كبير فرق!
عموماً لنا لقاء أكيد... او هكذااظن!
اكنت تفكر في هذا اليوم؟ اليوم الذي لن يكون لك وجود فيه، فقط زكرياتٌ و بعض عتاب!
  يومٌ سيدعونك فيه بالـ(مرحوم) و سنصبح نحن ابناؤك أبناء المرحو -  مهكذا اصبح تعريفنا بين الناس !لم اتقبل هذا الاسم  بعد و لا اظنني سأتقبله البته.
ياااه... كنت تشغل حيزا" ملء الفراغ و يا له من فراق!
في كل هنيهة تمر نحس حوجتنا لك تتعاظم 
و نتضاءل نحن.
 لِمَ لمْ تحكِ لنا عن هذا اليوم؟ لم تخبرنا به، لم تعلمنا ماذا سنفعل بعدك؟ بمراحلنا الدراسية كلها ايضاً لم يخبرونا عن ذلك، لم يعلمونا كيف نتصرف و ماذا نفعل حيال امرٍ كبيرٍ سيؤثر بحياتنا و ربما يغيرها إلى الأبد!

* مين سمّى ترحالك غياب؟!!
و الغيبة بتزيدك... بها
لو يرتق الحزن المصاب.. كان بعدك الموت إنتهى
يا أقصى حالات الحضور المشتهى
يا منتهى.

#أحمد_الطيب 

الخميس، 2 مايو 2013

وما أدراك ماهي؟؟!


أصبح الصُبح،، والسجن والسجّان لا يزال باقٍ، ولا بصيصُ أملٍ يشفي علة الصباح لنراه كما الروايات والأفلام،، أو قُل الأحلام.
صباحٌ جديد.. ككلِ صباح، الجديد فيه ألاّ جديد. وبعد تأدية الواجب الصباحي، وعمل (حركات الصباح)، يخرج (كلنا) لابتداءِ اليوم، والذهاب إلى اللا مكان، فالوجهة ليست بمهمة. لأن الأكثر أهميةً هو عملية (الخروج من المنزل) في ذاتها.
وتأتي المعضلة الأكبر وتتسع هوة المعاناة، وفي أحايين كثيرة تراودك الأفكار بالرجوع إلى المنزل، ويُصيبك اليأس والإحباط.
فحتى تصل المكان الذي أنت ذاهب إليه، عليك بالخروج قبل ساعتين على أقل تقدير لتصل في زمن (شبه معقول)، وتستطيع إلتقاط أنفاسك وتخفف خفقان قلبك المتسارع من هول مفاجأة أنك- وأخيراً، وبعد طول عناء ومشقة.. وهرولة، بل قُل سباق ضاحية- قد استطعت أن (تجد الدواب).
فالمواصلات وما أدراك ما هي؟! معاناة ليست بواهية،،،
وفي خضم هذه المعركة الصباحية يوجد الكثيرالمذهل، والذي - قد- تتخلله بعض الإيجابيات..
فهنالك المساواة تامة في الـ (جري)، و(الـعدالة) في الإنتظـــار-والتلفُـت ذات اليسار واليمين- زي (مروحة التربيزة)، والزحمة (الما فيها أي رحمة) والوقوف بـالساعات للتحديق في الفراغ والتمني بأن يظهر سراب مركبة تُعطيك حفنة أمل.
أما العدالة النوعية واحترام النساء فمجتمعنا يخطو نحوها بخطى متسارعة، وحثيثة.. فلقد أصبحنا في المواصلات نركب بالكفاءة، فالأقوى وأسرع، ولا يحمل أطفالاً "غالباً" هو الأكفأ، ويستحق أن يركب أولاً.
لستُ هنا بصدد تقييم قيّم المجتمع (السمحة) التي تُوشك على الإنقراض، ولكنّا نستعرض بعضاً (منّا).
وما يلي ذلك من قضايا جمة وكبير إشكالات، على سبيل المثال لا الحصر: شكلة الكمساري و(ماف فكة) والإستغلال (التعرفة غير المنضبطة)، والتحرش والمضايقات، و(عساكر المرور) و(مسك الزمن) للخروج بـ (مخالفة) وقطع إيصال.. وهلمجرا من الإفتتاحيات الصباحية التي تؤثِّر تماماً ببقية يومك، وتجعلك لا علاقة لك بالإنتاج الفعلي والفعال، أو ذو قرابة بالخَلق والإبداع.
أما بخصوص الأيام في ذاتها، فلدينا بالسودان أيام خاصة، ومتخصصة جداً في هذا النوع من المعاناة، فـ (يومي الأحد والخميس) ذوا طابع خاص، ونكهة غير- فالجهد والتعب بهما (مختلف) - ولم نتوصل إلى الآن إلى سرهما. مما يُثير الحيرة والتعجب، بل والإندهاش!!!
فـ (جميعها) أيام تُكوِّن الأسبوع، وبها عمل -وفي ذات التوقيت- فليس لهما زمن مختلف للدوام أو المدرسة، أو أياً كانت الوجهة. ولذا لابد أن نتشارك جميعاً لمعرفة وحل هذه المعضلة، وإن تطلب الأمر أن نطلب المساعدة والمشورة، بل والتعاون مع مواصلات الخرطوم (شخصياً).. الشهيرة بـ (بصات الوالي) للوصول إلى إجابات على أسئلتنا كـ (مواطنين/ات) كـ (مرحلة أولى)، وبعدها- ربما- ينظر الوالي إلينا بـ (عين الرأفة) ويسعى لحل أكبر أزماتنا، والتي تهدد تنمية وتطور بلدنا، وتُسهم بشكل متضخم ومهول في هدر وقتنا- والذي لا نملك منه الكثير- للركض خلف دول العالم الأقل نمواً، والتي نحتل المراكز الأولى فيها بتفوق و/عن جدارة.
ولا يفوتنا أن نذكر الدور العظيم جداً، المهم والمؤثر لـ (نقابة سائقي الحافلات)، فنحنُ كـ (جالية سودانية) مُقيمة بالسودان نُشيد بدورهم وما يقومون به من إنجازات عِظام. ولكنّا نستميحهم عذراً أن يُطلعونا على (هذا الدور)، فقط للعلم!!!
أزمة المواصلات التي تجعلنا لا نفكِّر أبعد من أن نستقل المواصلات، وننتشي غبطةً، ونموت فرحاً عندما يتوقف سائق و (يحِن علينا) من طول الوقوف.
ففي الأغلب الأعم يقول السائق (ما ماشي)، أو (ما راجعين)، أو يغيِّر وجهته المكتوبة سلفاً على المركبة، أما في اليومين المُميزين فـ (على كيفُم) تماماً في تحديد قيمة التعرفة. وما علينا إلا أن نمتثل لـ (ذلك) ونشكرهم أيضاً.
مهما حاولت أن تصف هول وعنت ورهق الـ (المواصلات) فلن يمكنك ذلك.. لأنها تفوق كل التصورات- ولكلِ (منّا) تجربته المرّة والمريرة جداً.
فقط.. علينا أن نعمل، وأن نُقصِّر (حبل الصبر) قليلاً، فكثرة الصبر تضر "أحياناً".
وأن يعي كل فرد منّا أنه مسؤول، عن نفسه على الأقل (كـأضعف الإيمان)، في معرفة حقوقه وانتزاعها، فالحقوق لا توهب ولكنها تُنتزع.
ولا يتأتى ذلك إلا بالوعي والمعرفة، إذن فليبقى الرهان عليهما.
ولنتشبث بالأمل،،، فكل وشتّى أنواع معاناتنا إلى زوال،،،
ولابد يوم باكر يبقى أخير.

الاثنين، 11 فبراير 2013

الحنك شنو؟؟؟!!!!!

الحنك شنو؟؟؟!!


ــ يا مان الرصة شنو؟ والفهم يا أصلي؟ البرنامج وين؟؟ أدينا الزيت
 إبتدر الحوار مخاطباً رفيقه الذي لا يعلم هو الآخر (القنح نشو)!! فما من أجوبة تكفي نهم التطلع لجديد يغيّر رتابة الأشياء. إذ ها هي الأيام تمر دون أدنى إحساس بمدى أهمية الزمن أو كيفية الإستفادة منه، ولا جدوى للطاقة المتدفقة ملء العروق، فها هو اليوم كسابقاته، يمر دونما حسبان، وبلا جديد يُذكر.
ــ المناظر هي ذاتا.. الصور ونفس المشاهد،،، الشوارع والبيوت.. الأماكن والمقاعد،،، والزمان الثابت مكانو والرقم اللسه واحد.
رتابة لا يوقفها لا المزيد منها، ولا محاولات تناسيها.. تتمرحل فيها حياة البني آدم، و(البنت آدم) برضو، إلى برامج مجدولة مسبقاً ومقسمة بحسب الفترات العمرية، بادئتها لا نكاد نذكرها، ليس لعدم أهميتها - فهي الأكثر إلتصاقاً وتعلقاً بالذاكرة، وبها تمت تنشئتنا الأولى- بل لصغرنا وقلة الإدراك، تلتها مرحلة (المدرسة) الأساس والثانوي. وباختلاف الأحداث وما جرى خلالهما، فهو (برنامج لذيذ)، و(حنك دسيس)، يلا.. يلا.. (نتجارخ منو) سريع.. نشوف الجامعة فيها شنو، وهكذا نقوم على عجالة من أمرنا بـ(كلفتة) مراحل مهمة من حياتنا لمراحل أكثر أهمية، وها هي (الجامعة) والأحلام التي تحمل كل الألوان، إبتداءً من (الوردي) وحتى (الأسود) والذي لا يعني بالضرورة الحزن والحداد والقبح، فهو رمز الثقة بالنفس والجمال بأبهى وأكمل تشكلاته (بالنسبة لي طبعاً). وأنشتاين ما قصّر معانا بـ(النسبية)، فتمر مرحلة الجامعة بحلو(ها) ومر(ها)، وما جرى بها.
أها، وبعد داك؟ الفي شنو والمافي شنو؟
سؤال ينتمي للتي ليست للإجابة، أو قل (الأسئلة التعسفية)، فلن تستطيع (ماغي فرح) ولا أجعص عالم فلك التنبؤ بمستقبلك، فأنت بالسودان، وبالسودان كل شيء وارد، ولا شيء وارد البتة. وأكاد أجزم أن (الرابط العجيب) في قناة الأطفال (إسبيستون) من واقع معاش ومستوحى من السودان، فلا علاقة بين ما تدرس وما سـ(تعمل)- إن حالفك الحظ ووجدت ما تسد به رمقك - فتعالج (الركشة) مصاريف واحتياجات (الأطباء)، وتُهندس (الطماطم وبقية عقدها الفريد جداً) المهندسين، وما تبقى من (علوم) و(تخصصات) تتخصص فيه بقية المهن، والتي لا توجد بهكذا سهولة، وتحتاج إلى كثير عناء وبحث، بل وإثبات ذات.
هنالك طرق أخرى أقصر- لكنها ليست كما يعرفها أهل الرياضيات بأنها (المستقيمة)- لإيجاد (وظيفة)، والتي قد تكون ذات صلة بما درست أو لا، فذلك لا يهم كثيراً، لأن الأهم هنا الـ(دبل واو)، كما يعلمها الجميع، فبها يمكن لخريجي (طب الأسنان) ان يتبوأوا مناصب تصل إلى (وزارة الخارجية)، ولا أدري ما سيفعله حملة شهادات (العلوم السياسية)!!!
في هذه الظروف غير الموضوعية يوجد الكثير من (عدم الموضوع). فالأيام تتشابه والأحداث تتكرر، و(لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد)، ولكن!!! وفي خضم هذا اللا معقول لبلد تمثّل فيه فئات الشابات والشباب ثلثيه، وتُهدر فيه الطاقات بلا حدود، يوجد شابات وشباب تحدوا الظروف وقسوتها، والمعاناة والعنت، وبرغم ما يعانونه أثبتوا كفاءاتهم وصقلوا تجاربهم في شتى دروب الحياة، وضروب المعارف، فكانوا أنموذجاً للنضال والتنوير، فثقتهم بـ(هم) وبما يفعلون منحتهم القوة والإرادة لمواصلة المسير، فأجبرونا - المجتمع- على الإعتراف بهم، وأهميتهم ودورهم، فهو كما الشمس لا يحتاج (للدفاع بالنظر)، فالرؤية واضحة و(الأنوار مولّعة شديد)، وتتعاظم المهام عليهم أكثر وأكثر وتتضاخم، فعليهم تقع أعباء التغيير، والذي بالضرورة لا يعني (إسقاط النظام) بالمعنى المستهلك والمتهالك.. فـ(إسقاط النظام) حادث لا محالة، ولا يحتاج كثير عناء.. ولكن ما نرنو له هو التغيير الحقيقي الجذري، المجتمعي المفاهيمي، التغيير الذي يجعلنا نفخر (بنا)، وبأنّا نحن، و(أديك حنك).. التغيير دا عشان يحصل بالجد مافي غير (الشباب والشابات)، لأنهم (هم) المحرك الفاعل والمؤثر لعجلة التغيير، وهم وقود الثورة، ومعاول البناء، ورسل السلام، وهم (هم)، وبدون (هم) لا جدوى لأي فعل، فبدون مشاركاتهم الفعلية - لا الصورية - الجادة والخلاّقة، ودون قناعاتهم التي تدفعهم لفعل المزيد، لا شيء سيحدث مطلقاً، سنكون كما نحن، نركض نحو وراء الوراء.
وحتى يكون الحراك المجتمعي فاعل وفعال، لابد من إستلهام التجارب السابقة، لندرك مواطن ضعفنا فنتجاوزها، وقوتنا لنزيد منها ونعززها.. ولكن ذلك لا يعني أن نحبس أنفسنا رهائن لشخوص من الماضي نجزم بأنهم (هم) السبب فيما (نحن) فيه اليوم، ويقع علينا وزر فعالهم، وإصلاح ما يمكن ترميمه متى وجدنا إلى ذلك سبيلا.
لذلك وجب علينا كشابات وشباب أن نعي دورنا تماماً، وأن نثق (بنا) ومقدراتنا، دون الرجوع (للـ.....) التي ما فتئت تكبلنا، ولا تتعامل معنا إلا كأدوات تحرك بها أجنداتها، وتنجز بها مراحلها الذاتية. وبذات القدر، فلنعلم ونوقن تماماً بأن هنالك منهم من هو ليس بضار – بل العكس تماماً، فـمن بينهم من يدعمنا، الحادبون على مصلحة الوطن، يواصلون نضالهم وصمودهم معنا،  نهتدي بتجاربهم وكفاحهم ومعارفهم وخبراتهم.. ومشوارهم يمتد بنا، خبرناهم.. لا تحركهم الـ(أنا) الموهومة والمتضخمة، فهم يعلمون تماماً ما (هم) فاعلون.. فقط علينا أن نجد(هم)، ونُحسن الإستفادة من(هم).
ــ و(الشفتنة) حقتنا، ويا (أصلي) بعد كدا (كتمت)، وأنحنا (جوه الجك)..
 ووصل حد السجارة نفس.




الجمعة، 23 نوفمبر 2012

التحرش الجنسي: الفيل المسفوه



مشكلة التحرش الجنسي وقضايا النوع بشكل عام تصنفها معظم فئات وشرائح المجتمع على أنها تخص نوع بعينه وهن النساء، وهذا الفهم السائد مغلوط وخاطيء، لأن المشكلة أكبر وأشمل وأعمق، وتترتب اثارها السالبة ومخاطرها على المجتمع ككل، إذن هي قضية تهم الجميع على قدم المساواة وعلى الجميع المشاركة والإسهام في حلها نساءأً ورجال. العنف ضد النساء قضية مجتمعية.. لماذا؟ لأن آثار العنف الممارس ضد المرأة لا تقتصر فقط على الضحية المباشرة، بل تشمل كل الأسرة والأشخاص المحيطين بالضحية، ولأن العنف يعيق النساء من ممارسة أدوارهن بشكل فاعل مما يؤثر سلباً على تطورهن الإجتماعي، ولأن إنكار وجود هذه المشكلة في المجتمع يساهم في إستمرارها وتصاعد حدتها، ولأن مناهضة العنف القائم على الجندر مسؤولية مجتمعية، ولأن العمل على تعديل السلوك الفردي لا يمكن فصله عن التغير المجتمعي. ماهو العنف؟ هو الاستخدام المتعمد للقوة أو السلطة أو التهديد بذلك، ضد الذات أو ضد شخص اخر أو مجتمع بعينه، مما يترتب عنه أذى أو إصابة نفسية أو إضطراب في النمو أو حرمان أو موت. تعريف العنف ضد المرأة: بحسب الإعلان العالمي لمناهضة كافة أشكال التنمييز ضد المرأة:
هو أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة نفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواءً حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة. أسباب العنف الجندري: الأنظمة الإقتصادية والقانونية والسياسية والقضائية والأمنية والإعلام و المؤسسات المجتمعية، والمحيط المباشر( الأهل، الأصدقاء، الأقارب) .. إلخ. المصطلح الشائع مؤخراً مصطلح (الجندر)، ولكن به لبس مفاهيمي وخلط بينه ومصطلح الجنس، فالجندر (النوع الإجتماعي): هو الخصائص والسلوكيات التي تعتبرها الثقافة والمجتمع مناسبة للرجال والنساء، أي هو الدور الذي يقوم به كل من النساء والرجال في المجتمع، إذن هو مصطلح سيكولوجي ثقافي وليس وصف بيولوجي، أما (الجنس): فهو يشير إلى التصنيف البيولوجي للذكورة والأنوثة إعتماداً على التركيب الجيني التشريحي والهرموني، إذن هو يتناول البعد البيولوجي. الهوية الجندرية: فهي تصنيفنا لأنفسنا وللآخرين كذكور وإناث، ولد وبنت، وهي وعي الفرد بالفئة الجندرية التي ينتمي إليها، وهي بعد مهم في تطوير مفهوم الذات، والمعنى الذي تحمله الهوية الجندرية يتأثر بعمق بالثقافة التي ينشأ فيها الفرد خلال عملية التنشئة الإجتماعية. تعريف المفاهيم والظواهر المرتبطة بالعلوم الإجتماعية والإنسانية تحكمها غالباً النسبية، ونادراً ما يحدث إجماع بشأنها، فللتحرش الجنسي عدة تعريفات، ولكن توجد عناصر مشتركة في معظم التعريفات ولذلك من الصعب وضع تعريف محدد للتحرش الجنسي، لأن ما يعد تحرش في مجتمع ما لا يعد كذلك في آخر، ورغم إنتشار الظاهرة وطرحها بقوة على مستوى دولي وإقليمي إلا أن المجتمع الدولي لم يجمع على تعريف موحد لها، ولم يتصدى لها بموجب إتفاقية دولية، ولكن يفترض في كل دولة ان تضع معايير وتشاريع تلائمها لحل الظاهرة موضوع النقاش. أحد تعريفات التحرش الجنسي: أنه كل قول أو فعل أو إيماءات تخرج عن نطاق اللياقة وتصدر من أشخاص يقصدون من ورائها إستمالة اخرين ليمارسوا معهم سلوك جنسي، وقد يتم ذلك بالتهديد أو الإبتزاز أو الخوف ( من المتحرش ) أو من (نظرة المجتمع للمتحرش به)، مما يعد تعدي فاضح على حرية الآخرين وكرامتهم. ويأخذ التحرش الجنسي عدة أشكال كأن يكون كلام مبتذل أو يحمل مضامين تشير إلى رغبة المتحدث بإغواء الضحية بأساليب ترفضها الأعراف والأخلاق المجتمعية، ومن أشكاله: الملامسة البدنية أو استخدام لغة الجسد أو استخدام حركات باليد أو أي أعضاء أخرى، أو عرض صور وأفلام أمام الضحية بهدف الإستمالة والتأثير. التحرش الجنسي ترجمة للتعبير الإنجليزي: sexual harassment أو : sexual assult وفي العربية: حرشه حرشاً أي خدشه، وحرش الدابة: حك ظهرها بعصا لتسرع، وحرش الصيد: هيجه ليصيده، والشيء الحرش: الخشن، وحرش بينهم: أفسد بينهم، وتحرش به: تعرض له ليهيجه. ويتضح من هذه المعاني اللغوية أن لفظ التحرش يجمع بين القول والفعل، وأنه يحمل معنى الخشونة والتهييج والإعتداء الخفيف. هذا المعنى اللغوي العربي بالإضافة إلى دلالات المعنى الإنجليزي يتفقان على جمع معنى التحرش للقول والفعل، وهنالك من يصنف التحرش بأنه يتوقف عند القول فقط دون الفعل، وأن الفعل يدخل في إطار هتك العرض بمعناه القانوني. ويعرف آخرون التحرش الجنسي بأنه: أي قول أو فعل يحمل دلالات جنسية تجاه اخر يتأذى من ذلك، ولا يرغب فيه، وبذلك يجمع هذا التعريف بين الرغبة الجنسية والعدوان من طرف لآخر بغير رضا وتعريف آخر للتحرش الجنسي: هو عمل واعي مقصود يقوم به فرد لديه نزعة جنسية وشهوة بأساليب مختلفة ليشبع رغباته الجنسية، وبذلك يقتحم حميمية الاخر، ويتعدى على حقوقه، و هنالك فرق بين التحرش الجنسي والاغتصاب والإعتداء الجنسي. التحرش الجنسي يعتبر مقدمة لحدوث الاغتصاب وكنتيجة لأفعال التحرش وهنالك فرق واضح بين المفهومين، حيث أن الاغتصاب فعل يصحبه بالضرورة عنف جسدي سافر، أما التحرش فلا تتم فيه ممارسة للعملية الجنسية. مفهوم الاعتداء الجنسي: هو استخدام الاطفال لإشباع الرغبات الجنسية للبالغين والمراهقين، وتعرف علي أنها اعتداء جنسي بحسب القانون الجنائي الدولي، حيث أنه لا يعتبر تحرش، لأن الطفل لم يصل مرحلة النضوج الجسدي والتكوين النفسي والعقلي والبيولوجي، ولا الإرادة والرغبة الجنسية. التحرش الجنسي في المجتمع السوداني واضح كما الشمس، ولا يحتاج لإثبات وبينة، فهو موجود ابتداءً من المنزل، وبين الأقارب.. وأبناء الجيران، وصولاً وليس انتهاءاً بالشارع والمؤسسات بكافة اختلافاتها وتخصصاتها من أماكن العمل، وقاعات الدراسة، بل وحتى من يفترض فيهم الحماية واللجوء لأخذ الحقوق. والأنكى والأمر وجود هذه الظاهرة وتفشيها في أوساط يفترض فيها بث القيم ونشر مفاهيم العدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان، ومناهضة ومعالجة أمراض المجتمع بمحاربتها والوقوف ضدها، والأهم هو أن تتمثل فيهم هذه القيم التي يتشدقون بها، وهنا تكمن خطورة اللبس المفاهيمي لديهم، فهم يعانون من إزدواجية في المعايير، بنصرتهم ودعمهم لقضايا النساء، ومناهضة كافة اشكال التمييز ضد المرأة من جهة، وهدم وهدر كيانها من جهة أخرى باختزالها في جسدها. وفي هذا لا فرق بينهم والجماعات السلفية المتطرفة.
فنحن في مجتمع يشكل من يدعون فيه أنهم (الصفوة) ومثقفي وقيادات المجتمع جل أزمات ومشكلات المجتمع نفسه، فنجد فيما يختص بهذا الجانب من الأمراض، أن التحرش الجنسي منتشر وبدرجات متفاوتة، وبذات المفاهيم والذهنية التي تحركها بنية الوعي التناسلي والنظام البطرياركي. والمعيار الأقوى لقياس مدى جدية مؤسسات المجتمع وكياناته وحقيقيتها فيما تطرحه من رؤى وحلول لمشكلات المجتمع،وقضايا (النوع الإجتماعي) تحديداً، وبما تحققه من توعية بالمجتمع ومحاربة عاداته الضارة واستيعاب فئات النساء، والمناداة بحقوقهن، وبكل ما يختص بقضية المرأة. فهي القضية التي يعرف بها مدى تطور المجتمعات وتصنيفها بين الأمم. مرض (التحرش الجنسي) تفشى وانتشر بكثرة، وهو ظاهرة عميقة وشائكة ومتراكمة، وما يزيد من حدتها وانتشارها سكوتنا عليها: (المتحرش بهن)، والمجتمع (المتفرجون على التحرش)، أما (المتحرشون) فهم يفاخرون بذلك بين أقرانهم، باختلاف تجمعاتهم وأماكن تواجدهم، فليس ثمة عقوبة، وينتشر التحرش الجنسي ويستفحل على مرأى ومسمع من الجميع، ولا يفعل شيء سوى النكران، وادعاء أننا اهل الشرف والفضيلة، وأننا الدولة الفاضلة، لذلك تمت تسميته بالحملات المناهضة للتحرش الجنسي بمصر والمغرب ب(الفيل المسفوه
وفي ذات السياق ومنذ 3 سنوات، إلتقيتُ بالاستاذ طارق مصطفى من مركز سالمة آنذاك، فأفادني كثيراً بمعلوماته الثرة ورؤيته الواضحة تجاه العنف الممنهج والقائم على أساس النوع. فله مني كل الشكر والتقدير.
*
عرّف الأكاديمين التحرش الجنسي بأنه كل الأفعال التي يقوم بها المتحرش، ابتداء من النظرة إلى الفعل الذي يسبق الجنس، والفرق فيه هو عدم الرضا. وهو الدخول في فضاء الأخر وحميميته، وعرِف مجتمعنا السوداني حالات متعددة من التحرش الجنسي ورغم تعدد دوافعه ومرتكبيه لكن يظل التحرش هي قضيه ظلت تلاحق الفتيات وأسرهن، وفي ذات الوقت لم تحرك السلطات أي ساكن تجاه تلك الممارسات، وفي ذات القضية؛ التحرش الجنسي، قابلنا الناشط الحقوقي في قضايا المرأة، طارق مصطفى، مساعد برنامج الشباب بمركز سالمة لمصادر ودراسات المرأة وممثل الحملة الدولية بعنوان أوقفوا قتل ورجم النساء، فإلى مضابط الحوار:
*يزعم البعض بان التحرش دخيل على المجتمع السوداني، ألا يمكن ان يكون كغيره من الظواهر التي نعايشها وذات جذور ضاربة في التاريخ؟بالتأكيد التحرش له جذور في التاريخ السوداني، أو ماضيه، لكن ما طرأ لاحقا هو تداول الناس لها بشكل رسمي أو اجتماعي.. وازدياد التحرش الجنسي في الآونة الأخيرة هو ذو صله بالكبت الذي يعانيه الشارع السوداني والشباب السوداني وأصبح شكل من أشكال التفريغ لديهم.ورغم أن هنالك أسباب عديد أدت لتفاقم التحرش، لكننا لا نستطيع فصل التحرش الجنسي والاغتصاب، عن ظاهرة الانتشار الشديد للمخدرات التي تنقص من إنسانية متعاطيها، وتزيد من حيوانيتهم.*ما هو دور الدراسات والمراكز النسوية، فضلا عن الناشطين والناشطات في تحليل وفضح هذه الظاهرة؟ما يجب التأكيد عليه، انه والى الآن لم تقم أي دراسات حول هذا الموضوع، كما لاتوجد منظمات عملت علي ذلك، فالكل كان منشغلاً بقضايا أخرى من أشكال العنف ضد المرأة، وابتدأنا بالحملة الدولية لإيقاف قتل ورجم النساء، وللاستفادة من الحملة لا بد من إيجاد أرقام وإحصاءات وحقائق موجودة، بناءاً على ما يتعلق بهذا الموضوع ابتداءنا عمل base and survey واستهدفنا عدد بسيط من النساء لأخذ معلومات ترتكز على نوع العينات، وليس على الكم، وتم استهداف ستات الشاي والطالبات بالجامعات والعاملات في المطاعم أو الكافيتريات، والجزء الثاني من المشروع هو بحث بالإنترنت والتلفون، من التجارب بمصر والمغرب، فيما يتعلق بالتحرش الجنسي، وكانت لديهم تجارب ناجحة جداً، وأكثر اسم لطيف مطابق للحالة بالمغرب ويشابه السودان هو ignored elephant وتعني الفيل المسفوه، أي شي بحجم الفيل، وكل الناس تراه، ولكن كأنها لا تراه.نهاية المشروع سيكون هنالكforum وستقدم الدعوى لكل المهتمين والمهتمات بالموضوع، فضلا عن صناع القرار، على أن تكون نهاية هذه المرحلة، هي بداية لمرحلة جديدة؛ حتى يكون هنالك نص قانوني يُضمن في القانون الجنائي السوداني، حتى يجرم مرتكب التحرش الجنسي.*جهاز الدولة بكليته هل هو على صلة بما يدور من ممارسات مرتبطة بهذه الظاهرة، والتي تجد مشروعيتها في اللا مساواة المكرسة أو المتحاملة ضد المرأة ؟بلا شك جهاز الدولة على صلة، فالحملة أصلاً محددة أهدافها، ونعلم أن العنف ضد المرأة مبرر ثقافياً، ونظرتنا لظاهرة التحرش الجنسي؛ أنها ليست فقط ظاهرة عادية كما يراها بقية الناس بقدر ما هي طريقة لكي تعلم النساء أن لهن فضاء يجب عليهن أن يقبعن فيه وأن الشارع ليس مكانهن، وبالتالي تصبح المعادلة: بما أن المرأة خرجت للشارع يجب أن تتحمل ما يحدث لها، ولذلك الدولة بالايدولوجيا التي تتبناها والصارمة جداً تجاه النساء، فوجهة نظرها ان النساء مكانهن المنزل، تضطر الدولة أحياناً وتقول شعارات براقة عن المرأة في وسائل الإعلام، ولكن وجهة نظرهم واضحة وصريحة تجاه النساء، لذلك لا أعتقد أن من السهولة تشريع قانون يجرم هذه الظاهرة، والأهم من ذلك ان المرأة يتم تجريمها علي الدوام مستندين علي أزيائها وسلوكها مما يجعلها ذلك عرضة للتحرش.*هل يمكن إعتبار الزي احد المحددات التي تجعل المرأة مسئولة عن التحرش الذي يتم لها؟ إطلاقاً ولا توجد له أدنى علاقة، وإذا نظرنا بهذه الطريقة فذلك يعني أن هذا الشخص ينظر للأنثى ويختزلها فقط في أعضائها التناسلية، ولا شأن لأحد بزي الآخر أو تصرفاته، فإذا لبس الفتاة وفق المنظور الديني للبعض، يري فيه ان مخل أو ضيق، باعتبار الإثارة التي يمكن أن تحدث للرجل لها، فهنا يقول أن الرجل يجب يغض نظره وكفي، وإذا أخذناه من وجهة نظر أخري، لماذا تجرم المرأة على لبسها، عبر المادة 152 التي يتحرك وفقها رجال الشرطة لإدانة النساء، في جين أن الشرطة يجب ان يقتصر دورها في حماية الناس فقط، وليس النظر في ملابس النساء وأجسادهن.*في حال وجود قوانين ومؤسسات أمنية قد يصح ما قلته، لكن يقتصر الأمر علي هذه القوانين والمؤسسات فقط ؟ طبعا لا يقتصر عليها وحدها، فقبل القوانين يجب رفع الوعي لدي عامة الناس، وقبل كل ذلك دمج قضايا النوع في كل القضايا والأنشطة، أي أن تصبح محل رأي عام وحديث في كل المنابر، وأعتقد أن أهمية إيجاد آلية لل gender equality هو الهم الأساسي، والبداية التي يجب أن ينطلق منها الناس ومن خلالها ستعدل بقية الأشياء والقوانين التي تكرس لدونية المرأة وإزلالها.*بإعتبارك male وناشط في قضايا حقوق الإنسان وتحديداً قضايا المرأة، هذا يعني أن العقلية الذكورية لا تقتصر على النوع أو الرجال تحديداً وإنما هي مفاهيم.. وهنالك نساء يعملن ضد النساء (عميلات المجتمع الذكوري)، ما هو رأيك ؟ليس النساء فقط هن المحتاجات للتوعية وانما المفترض رفع الوعي للجميع وأن يكون الرجال جزء من ال process لدمج الجندر بالسياسات، غير ان ظروف التنشئة الاجتماعية لبعض النساء ترسخ في لاوعيهن أحساس بالدونية، وهنا يجب أن نشير لدور التنظيمات السياسية وخاصة أن التغيير يفترض أن يكون جزء من مهامها، وعلى النساء داخل ذات التنظيمات عليهن ان يلتزمن بقضاياهن ولا ينخرطن في قضايا الحزب، وهنا نقول ان المرأة ذات العقلية الذكورية داخل أي حزب تعبر عن وجهة نظر الحزب وأيدلوجياته.