|
إبداع يجاوز العقبات وبصمات لها تاريخ
|
د. علا علي: الكتابة تحليق حر ولا كتابة (حقيقية) مع
أجنحة مقيدة
ناجي البدوي: ألَمْ يحِن الوقتُ الذي وجبَ فيه خروجنا على مثل هذه العقبات التصنيفية؟! فرجينيا وولف: في ظل التقسيم الجنسي للعمل، تقع على عاتق النساء مهمة إنتاج الوقت للرجال ليكتبوا. رانيا مأمون: أين دور الدولة من الإبداع عموماً؟!! يتردد كثيراً في أوساط المثقفين/ات مصطلح الرواية النسوية، وهو مصطلح تثور عليه بعض الكاتبات لأنهن يرين فيه انتقاصاً من قدرتهن على الإتيان بإبداع يوازي ما يأتي به الرجال، وفي هذا المصطلح ما يفتح نفاجاً لتسمية مشابهة في ضروب الإبداع الأخرى كالشعر النسوي واللوحة النسوية وربما الموسيقى النسوية أيضا، فهل يوجد فنياً وفكرياً مايسمى بالرواية النسوية ؟ ترى أخريات أن الكتابة النسوية لا تعني بالضرورة ما تكتبه المرأة فهنالك رجال يكتبون روايات تحمل الصفات الأنثوية من حيث القدرة على الخلق والتوليد والإبداع.
فبالرجوع إلى بدايات كتابة
الرواية النسوية نجد أنه كان لدى النساء رغبة أو حالة من الإقدام للتعبير عن
الذات، ولكنهنّ مؤخراً تجاوزن ذلك، وخرجن من الإطار الذاتي وأصبحنّ ذوات نظرة
أعمق وأشمل وأعم. ويرى البعض أن للثقافة العربية الإسلامية دور سالب فيما تعانيه
النساء الروائيات، وذلك فيما يختص بالقمع وعدم توفير الثقة الكافية بالنفس، مما
يؤثر على مقدرة المرأة ويحد من قيمتها الإبداعية.
وفي شأن
الكتابة النسوية يقول المفكر الراحل الخاتم عدلان، عنها: (أن يتم تحطيم
الصورة النمطية التي يكونها الرجال عن النساء، والنساء عن أنفسهن، ولأن تحطيم
هذه الصورة هو البوابة التي يتحول فيها الرجل إلى إنسان، وتصبح كتابات النساء
بقدر ما هي كتابات متحررة من عقابيل الإستبطان، بوابات للتحرر الإنساني الذاتي
للكاتبة، والتحرر العام للنساء القارئات، والتحرر الأعم للرجال القارئين، وبما
أن موازين القوى في مجتمعاتنا تميل ميلاً منكراً لصالح الرجل، فإن تحرير الرجال
من إغتراباتهم الروحية يصبح جزء لا يتجزأ من تحرير المرأة.
الأديبة د.عُلا علي ترى أن المرأة قبلاً كائن أسطوري أُنيط
به تحديات ولكنها لازالت تثبت نجاحها، محققةً أسطوريتها، وتقول: (الكاتبة
السودانية وللأسف لا زال يواجهها تحدى كونها امرأة، ولا زلنا متوقفات كثيراً عند
محطة الجندر ومشكلاته التي تحد من انطلاقة المرأة الكاتبة سواء على صعيد شخصية
الكاتبة في حد ذاتها أو على صعيد المحيط من أسرة ومجتمع)، وتري عُلا أن
الكتابة فعل لا متناهي وطريقة ممارسة كاملة ومختلفة للحياة، لكنها تقول:(توجد
صعوبة وتأخير في إكتشاف الكاتبة السودانية لحقيقة ذاتها في ظل النمط الجاهز
المرسوم لما يجب أن تكونه ويكون هذا التأخير خصما علي المراحل التي يفترض أن
تعبرها، فعندما يتم الاكتشاف تجد نفسها متنازعة بين كثير من التحديات التي تضعها
في محك الأولويات، فالكاتبة السودانية هي الطالبة، والعاملة، والأم وربة
منزل، مع التأكيد بأن الظرف الاقتصادي في السودان ضاغط وخانق، وقد تضطر
إلى العمل خارجاً ثلثي اليوم، ناهيك عن الأعباء التي تنتظرها بالمنزل، متى
تكتب؟! في ظل وجود أسر ومجتمع لا زال ينظر إلى كتابة المرأة على أنها رفاهية لا
ضرورة لها! دعك من الكتابة التي تجعلها تؤمن بأنها تمتلك القوى التي
تجعلها قادرة علي خلق ظروفها، لكن متى تقرأ؟ وتضيف: (الكتابة لا تنبع من فراغ؛
لأنها تجربة ثرة وتحتاج للصقل والتطوير، لكن الكاتبة السودانية تجد نفسها موضوعة
داخل حدود مرسومة للحركة، وهنالك حدود مرسومة تلاحقها على مستوى الكتابة، من
شاكلة المسكوت عنه. والكتابة تحليق حر ولا كتابة (حقيقية) مع أجنحة مقيده، فضلا
عن أن هنالك مشكلات ذات صلة بالنشر).
وللخروج من تلك الأزمة تقول:
(لابد من ترسيخ وعي الأسر والمجتمع بماهية المرأة الكاتبة، وبتفردها وخصوصيتها.
ومن ثم بماهية كتابتها وضرورتها ودورها في طرق المواضيع التي تهمها وتهم
المجتمع، فإذا نجحنا في خلق هذا الوعي سنختصر مراحل كثيرة في استمرارية مشوار
الكاتبة السودانية وانتظام منتوجها الأدبي. وحجر الأساس هو الدعم من الدولة،
وتشكيل وتسهيل انخراطها في كل ما يساهم في تطوير التجربة عبر الورش
والدورات التدريبية. والمؤتمرات والمعارض في الداخل والخارج).
وحول إرتياد المرأة
مجال الأدب وارتباطها بمجالها العلمي ترى (عُلا) أن هنالك ثمة علاقة ما بينهما،
وأن هنالك مشكلة في الأسر السودانية، فهي توجه أبناءها وبناتها في مراحلهم/ن
المبكرة لخياراتهم/ن.
وفي حديثها عن الرواية العالمية
تقول: (الرواية النسوية في السودان لا تنفصل بحال عن الرواية العالمية، والتي
نأخذ نموذج لها الكاتبة والروائية التي أثارت جدلاً واسعاً بكتاباتها
فرجينيا وولف والتي تتخيّل أنه لو كان لشكسبير أخت فهي لا تقلّ عنه عبقرية،
ولكن لم/ لن تتاح لها الفرص التي توفّرت له، فهي لم تُرسل إلى المدرسة ولم
تُشجع على التعلّيم ولم تكتسب سوى خبرة ضئيلة في الحياة، ولم يكن لديها متنفّس
لعبقريتها، وعندما يهددها زواج عليها الهرب إلى لندن راغبة في العمل كممثلة، غير
أن طموحها يُواجه بسخرية، فتضطر أن تكون عشيقة لرجل وإذ تجد نفسها حاملاً تنتحر،
وهكذا يكون مصير أي امرأة تتمتع بعبقرية وموهبة فذة.
وتتساءل وولف عن عدد الكتب التي
يكتبها الرجال عن النساء في عام واحد، وتقول بأن النساء أكثر المخلوقات موضوعاً
للنقاش في الكون، وتطرح تساؤلاً أساسياً حول غياب أو ندرة الكاتبات في عصر
النهضة والقرن السابع عشر، وتبين وولف أن إفتقار النساء إلى التعليم والمال،
ووطأة القيود الفكرية التي يخضعن لها، يولد لديهن إحساساً بعدم الأمان، ومحو
الذات، ويمارس تأثيره على تفكير الكاتبة، وأحد العوائق الأساسية التي تواجه
الكاتبة انه يُنظر لكل نسوي كما لو أنه ينبثق من لا مكان، كما لو أن كل واحدة
عاشت وفكرت وعملت دون مخاض تاريخي. فضلاً عن افتقارها إلى الراحة ووقت للكتابة،
وافتقارها إلى الثقة بنفسها وإلى التجربة وفسحة للتأمل، والعلاقة الحميمة
مع الأحداث، فاستخدام القلم من قبل المرأة يهدد السلام العائلي، وفي ظل
التقسيم الجنسي للعمل تقع على عاتق النساء مهمة إنتاج الوقت للرجال ليكتبوا.
وبسبب النظام البطرياركي الذي يضطهد النساء، اضطر عدد منهن أن يخفين هوياتهن
الشخصية خلف أسماء مستعارة، وتعتقد وولف بأن الكاتبات يحصلن على إحتفاء أفضل
بإنتاجهن إذا جرى الظن بأنهن رجال. وتنبه وولف إلى أن النقد بأيدي الرجال دوماً،
وبأن صورة الكاتبات تقدم في إطار التقليد الأدبي الذي يهيمن عليه الرجال. وترى
وولف التي تناولت العديد من أعمال الكاتبات أن التعبير عن الغضب مُهلِك للفن
ومشوه له.
وتسلط فرجينيا وولف الضوء على
النساء المثقلات بالعذاب، وتصرخ بغضبها المكبوت والمُعلن في وجه كل الأنظمة
المعيقة لتحرر المرأة: أن أعطوا النساء فرصتهن وحقوقهن.
التقينا بالكاتبة
رانيا مأمون والتي ترى أن الكتابة في السُّودان هي اختيارٌ أو فعلٌ إضافي لفعلٍ
أساسي، بمعنى أن الكتابة لا تُعامل كمهنةٍ يُعتاش منها في إشارة منها للكتابة
الإبداعية، وقالت: (يوجد دوما صحفي
شاعر، وطبيب شاعر، موظف روائي، دائماً ما توجد مهن أساسية
والكتابة ما هي إلا منتجع يتنزَّه فيه الكُتَّاب في حين يكسبون رزقهم من مهنٍ
أخرى. فعزوف المرأة عن الكتابة وقلة إنتاجها أو توقفها عن الكتابة هو نتيجة
حتمية لهذا الوضع. لا يوجد هنا مفهوم الكاتب الحُر الذي يعتاش من كتابته، فإن
قلت بأن مهنتي كاتبة، سأطالب بخطاب توظيف من مؤسسة أعمل بها ككاتبة وهنا تصبح
الوظيفة
Clerk وليست Author
في حين لو أن الكتابة مهنة وحِرفة سيتغير الحال سواء كان
الرسمي أو علاقة الكاتب أو الكاتبة بالكتابة.
وتخلص رانيا في أن الكاتبة هي
امرأة، والنساء عليهنْ مسئوليات جمَّة، مما يدفع بالكتابة إلى الوراء على سُلم
الأولويات، وتقول: (الكتابة ليست أصيلة في الكاتبة السوُّدانية، ولكن ما يحدث هو
أن تختلف الأولويات وتؤجل الكتابة، والرجل السوداني إلا ما ندر مُدلل ومتطلب
واتكالي، والمرأة السودانية لا تعزف عن الكتابة، إنما يقل إنتاجها ونشرها
وتواجدها).)
وعن قلة المنتوج الأدبي
للمرأة السودانية ترى رانيا أننا قوم ممهولون، والفكرة تأتي ولا نُسارع بتسجيلها
على افتراض أننا سنفعل ذلك لاحقاً، وتقول: (الكاتبة تحمل هم الكتابة دائماً
ولكنها لا تبذل الجهد والتركيز اللازمين لفعل الكتابة، ولكن السؤال هو أين دور
الدولة من الإبداع عموما؟!ً
. أما المجتمع فهو ينظر
بعدم اكتراث وتقدير مستحق للكتاب بشكلٍ عام
وعن دور النشر وسبل وكيفية وصول
المبدعات تضيف رانيا: (هنا يختلف الحديث، فإن وصلت الكاتبة لدور النشر
تبدأ معاناة من نوع آخر، اختيار الدار وجودة الطباعة وضمان التوزيع والالتزام
المادي تجاه الدار، ولكن لن ننفي أن نشر كتاب لكاتبة يُعد إنجازاً طيباً
ومُرضياً. ووصول المبدعات لدور النشر ليس صعباً إن كان الكتاب يستحق النشر فهو
يُنشر).
وفي ختام حديثها أكدت رانيا
أنها لا تكابر وتقول: (إن إنتاجي الإبداعي لم يقل، إضافة إلى أن مشاركتي
في العمل الثقافي العام أصبحت نادرة ومُقلّة، ولكنني لست متوقفة، فلديّ نصوص في
طريقها للنشر).
وعن تلك التصنيفات وماهية مصطلح الرواية النسوية فيقول الناقد
ناجي البدوي: (وظيفة الفن تجدّيِد إدراكنا وأن نكُفَّ عن رؤية ما تعودنا أن نراه).
والكاتب يهزُّ المشهد المألوف، وبفعلٍ أشبه بالسحر، نرى فيه
معنى جديداً، والمرأة كتبت الرواية، كما الرجل كتبها، ليس لأنَّ الرجل كتب
الرواية، ومن ثمَّ كتبتها رغبةً في تقليد طرقه هذا الضرب الجمالي، أو هي التي
سبقته ولظرفٍ ما، تم وضع كامل تجربة الكتابة الروائية لصالح توقيعه الذكوري،
بحسبان أنَّها إحدى انجازاته الكونية، ليس الأمر بهذه السهولة، أمامنا هذا الجسد
كلُّه، الذي يفكِّر، ومناطقه غير المكتشفة، والحياة بكاملها تمتد بنا ونمتد، وكم
مُخزية وجميلة ومُلغزة وعصية وميتة ومُباغِتة، منها ما استطعنا تغطيته ومُساءلته
وإبداعه، ومنها ما لم نستطيعه ونحتمله ولم يصادفنا بعد، لكن هل أستطيعُ التأكُّد
وأنا أرى العالم وأشتغل على نفسي وجسدي أثناء عالمٍ ما، هل هي نظرتي ذاتها..
بمنطقةٍ وأصبحت الأشياء هي الأشياء مُحالةً لرؤيته الخالصة وأسئلته المُثقلة
بسياسات النَّوع وتلقينه الدهري؟ هل نحن منقسمون في نظرتنا ذاتها وأثناء
ذات العالم إلى رجل وامرأة يريان بنظرة سالبة وغير عادلة، ألَمْ يحِن الوقتُ الذي
وجبَ فيه خروجنا على مثل هذه العقبات التصنيفية، إنَّها مختلة تتكاثر كلما
استسلمنا لها، مثل فرجينيا وولف التي جعلت الكتابة خارجة على العقل النوعي، ليس
في الفن سلطة امرأة، أو رجل، ليس ثمة أدوار محسوبة تاريخياً لكلٍ من الرجل أو
المرأة، ثمة ضرب جمالي أسمه الرواية، لكن المجازفة بحصر الممكن تحت راية رواية
نسوية أو غيرها، يقيمُ حدوداً موهمة داخل ذائقتنا ذاتها، إن لم يلوثها بالتكرار
والتصنيف والعادة، فالعقل العظيم هو عقل لا يحملُ نوعاً، فاذا تمَّ هذا الانصهار
النَّوعي يغدو العقل في ذُروة خصوبته ويشحذ كافة طاقاته). وأضاف المرأة تكتبُ
خارجةً على سنن التطبيقات الكسولة، ولسنا بحاجة للتفكير في إمتيازٍ آخر سوى
الجمالي للجمالي ذاته، باحثينَ عن الفنان مُطلقاً، أينما صادتنا أشواقه
باسئلتها، وأن نرى فيه معنى جديد، كما أشارت نجلاء في أحد نصوصها
وتقول:(وأجعلني ليسَ نُطفةً وليسَ جَنِينَاً وليسَ ذكراً وليسَ أُنثى وليسَ
بيْضُونةً وليسَ طَلعَاً وليسَ مشيجاً يتخَمَّرُ وليسَ مَنِيَّاً يَضجَرُ وليسَ
قناةً وليسَ رحِماً وليسَ حَوَاسَّاً تُزَمجِرُ في الوحشةِ تُزَمجرُ في
الهَجر.إجعلني النَّدم خالصاً، لمرَّةٍ واحدةٍ أُطيعُكَ وأموت).
والكتابة الروائية النسوية
السودانية لها بصمات واضحة، وأثر وامتداد يدعمه تاريخ، فقد بدأت الأديبة فاطمة
عبد الرحمن في مجلة الفجر، وبرزت القاصة آمال عباس العجب في مجلة صوت المرأة،
وآمنة أحمد يونس، واستمرت المرأة السودانية في كتاباتها في تطور وتقدم وهي تعبر
عن همومها وقضاياها، وتطرقت لأسئلة وجودية كالموت والحياة وعلاقة الإنسان
بالوجود، كما عند زينب عبد السلام المحبوب وسلمى أحمد البشير، وزينب بليل
التي نشرت أعمالها في مجلة المنار1957، وقد أصبحت الكتابة النسوية منذ
السبعينيات ذات سمت يميزها، وأصبحت ذات خطاب تحرري، وبرزت في هذا النوع من
الكتابات: سلمى الشيخ سلامة، وسعاد عبد التام، وآمال حسين، وفاطمة
السنوسى، ويتواصل المسير الذي إنتهجته الرائدات ملكة الدار محمد عبد الله، وزينب
بليل، وتزخر الساحة الأدبية الآن بالكثيرات: إستيلا قاتيانو، سارة الجاك، د.علا
علي، رانيا مأمون، بثينة خضر مكي، أميمة عبد الله، ليلى أبو العلا، د.ناهد محمد
الحسن وغيرهن كثيرات، وقد برزت اللغة القصصية في النصوص كلغة تقترب من تخوم
الشعر، وقد برزت الكاتبة السودانية في تأسيس إبداعها انطلاقا من تجاربها الذاتية
ومن وعيها باختلافها واستقلاليتها وتصديها لآليات القهر المختلفة).)
|
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفموضوع....شيق
ردحذفهكذا كان تعليقي على عنوان المقال....بعد القراءة المتأنية والوقوف طويلاً في صلب الموضوع...وهو معاناة الكاتبة الروائية السودانية بغض النظر كونها تعتبر نفسها نسوية أو غير ذلك ، وأتفق على معاناة كل أنثى في السودان حتى أنثى الحيوان لها نصبيها من التمييز (السلبي) لكن حتى يبدو الأمر جلياً وإعتباراً أن المرأة عليها أولوية مناقشة قضايها وحرية وشمها في كل الضروب وبعيداً عن أنثوية -ملازمة ذكورية- الإبداع غيظاً في الرجال أين نحن من مناقشة قضايا المجتمع خاصة تلك التي تتعلق بثمة إضهاد أو تمييز يقع على المرأة أين الرواية السودانية من المسكوت عنه الذي فاقت رائحته وتلك الآلام التي تعانيها المرأة جراء ممارسات تتستر عليها كل الإبداعات تلك التي تكاد تكون مجرد نصوص أدبية تفتقد الإستفادة من كونها (نص يقرأ) ، ختان الإناث ، زواج القاصرات ، الإغتصاب ، شبكات الدعارة الناشئة لظروف القهر الإقتصادي ، معاناة بائعات الشاي من السلطة السياسية والإجتماعية
د : علا علي :(لابد من ترسيخ وعي الأسر والمجتمع بماهية المرأة الكاتبة، وبتفردها وخصوصيتها. ومن ثم بماهية كتابتها وضرورتها ودورها في طرق المواضيع التي تهمها وتهم المجتمع)
في ملاحظاتي للمسكوت عنه حيث تقطن آلام النساء ، بداية بالأسرة في أفعال لا توصف ولا تصدق فيكون الحديث عنها مجرد جنون لاح لي أمر يقطن المجتمع السوداني الملقب بالمحافظ والتقليدي ويبدو أنه توارثه من المجتمع العربي (هذا ما يبدو حتى الآن) وهو معاناة المرأة السودانية بما يسمى بزنا المحارم Incest ممارسات داخل المجتمع السوداني تسكت عنها الفتيات خوفاً من عدم التصديق وما يلازمه من إتهامات بالجنون أو طلبات الكشف عن الفاعل الحقيقي مصحوبة بالضرب المبرح أو حتى القتل إذا مس الأمر (تقاليد مدسوسة) ، الحديث عن هذا الأمر أكثر من مقرف....ولكن أين الجرأة في مناقشته ولو بشكل روائي؟ أليست بمقدار الكتابة أن توضح آلامنا بشكل أدبي يخفف عن حدة الآلم؟!
قادني الموضوع إلى المجتمع (السعودي) وإنتشار المثلية الجنسية وسطه خلافاً لظاهر التدين الموجود بشكل قوي في تلك المملكة حيث قامت الأديبات السعوديات بمناقشة الأمر روائياً كصبا الحرز كاتبة رواية (الآخرون) التي تتحدث عن فتاة سعودية ذهبت في رحلة إلى العمق لتكتشف أنها متورطة في علاقات جنسية مع مثيلاتها من الفتيات في حين أنها تتطوع في جمعيات خيرية دينية أي عكس ما يراها العامة صبا الحرز كانت تتحدث عن ذاتها متوارية خلف الإسم المستعار وهي فتاة جامعية في العشرينيات بالقطيف منطقة تعج بالشيعة حيث تعرضت أيضا للخلافات الشيعية السنية وأوغلت القارئ في مجتمع الشيعة وكيف أن المملكة كانت تعمل على حل الخلافات المذهبية بطرق علمانية راديكالية حيث الرفض القاطع للمظاهر المذهبية في المؤسسات التعليمية. أيضا سبقها في عملية الكشف رواية رجاء الصانع(بنات الرياض) بنفس المضمون الرواية التي لاقت رفضا من القائمين على حفظ ماء المجتمعات المأزومة مما قاد رجلاً إلى كتابة رواية مماثلة ردا على روايتها بحجة أن هذها هي الصورة الحقيقة و أن هكذا ممارسات لا تحدث هنا في المملكة!.
أين التجربة الروائية السودانية من هكذا شذرات وأين هن الأديبات السودانيات من معاناة النساء وعرضها للحل بدل السكوت عنها خاصة أن آثارها قد بدأت تظهر في أجيالنا من إنتشار واضح للعيوب الخلقية وغيرها الناتجة عن طفلاً ينجب من علاقات يمكن عن نصفها بالتابو ، المجتمع الخليجي عاني كثيراً من زنى المحارم وأظن أن التجربة الروائية القادمة قد تكون حديث الأديبات عن المسكوت عنه فيما يختص بتحرش الأقارب بالفتيات...ولكن هل ستظل الروائية السودانية خائفة من الحكي ولو خلف أسماء مستعارة.
ما لا نجيده كلنا هو التصدى للمجتمع شكلاً وعمقاً إلا من رحمه قلمه وأختار مواجهة الأمر ، مع العلم أن صراع المجتمعات أشد صعوبة من صراع السلطات....وهنا يأتي دولة الدولة في خلق قوانين تشرع لصراعاً إجتماعياً بعيداً عن العنف يتناول وبشفافية ما يحدث حتى يتسنى لنا وضع الحلول...
(أستاذة وفاء المقال شدني إلى المتابعة وعن كثب ما تكتبه الروائية السودانية فهو حقاً موضوع شيق)
أستاذ مختار... الموضوع قديم و مضى عليه ما يقارب ال أربع سنوات، سأسعد جداً بمشاركتك لي بتحديثه. خصوصاً أن المجال الثقافي مؤخراً أصبح زاخراً بكاتبات يانعات موهوبات!
ردحذفو حتماً يظل الموضوع بذات الاهمية و اكثر.. و تحليل ما يعكسن من كتابات و شخوص تمثلهن و تمثل الواقع الذي انتج تلك الكتابات و الكاتبات.
سعدتُ جداً بمرورك صديقي العزيز.. و لربما سأجدني أكتب مرة أخرى، او هكذا أتمنى
تحياتي و ودي <3